وجميع ما أسقطت تفسيره هاهنا إما لظهوره، أو لكونه سابقاً. وفي غضون ذلك مواضع أذكرها سؤالاً وجواباً، وهي:
إن قيل: ما معنى قولهم: ﴿ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون﴾، وهل يقوم بذلك حجة عليهم؟
قلتُ: لم يصدر ذلك من الرسول ابتداء، وإنما قالوه بعد إظهار العجز.. (١) هذا العنت منهم، فهو كلام خارج مخرج الالتجاء إلى الله تعالى والتفويض إليه، وشواهده كثيرة في القرآن، وقرأت منه قوله تعالى: ﴿قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً﴾ [العنكبوت: ٥٢]، أو هو في معنى التوكيد والتحقيق.
فإن قيل: ما معنى: ﴿طائركم معكم﴾ ؟
قلتُ: الطائر أنهم كانوا أصيبوا ببلاء فتطيروا بهم، كما تطيروا بموسى عليه السلام فقالوا لهم: ﴿طائركم معكم﴾ أي: شُؤمكم معكم، وهو الكفر، فمنه أُتيتم وبسببه ابتليتم.
قرأ أبو جعفر: "أَأَن ذكرتم" بفتح الهمزة الثانية وتليينها مع الفصل بألف، "ذُكِرْتُم" بالتخفيف، على معنى: من أجل أن ذكرتم، أو لأن ذكرتم تشاءمتم، وقرأ الباقون على أصولهم المعروفة. وقرأ ابن كثير بهمزة واحدة مفتوحة بعدها ياء، ومثله أبو عمرو إلا أنه كان يَمُدّ (٢).

(١)... ثلاث كلمات غير مقروءة في الأصل.
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٣٠٦)، والنشر (٢/٣٥٣)، والإتحاف (ص: ٣٦٤)، والسبعة (ص: ٥٤٠).
(١/٣٢٢)


الصفحة التالية
Icon