كانت أو [استفهاماً] (١)، تقول في الخبر: كمْ فرسخاً سرتَ؟ يريد: فراسخ كثيرة، ولا يجوز: سرتَ كمْ فرسخاً؟، وذلك أن "كم" في بابها بمنزلة "رُبَّ"، وأن أصلها الاستفهام والإبهام، فكما أنك إذا استفهمت فقلت للمخاطب: كم فرسخاً سرتَ، لم يجز: سرتَ كمْ فرسخاً؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وكذلك إذا جُعلت "كم" خبراً، فالإبهام قائم فيها، و"أنهم" بدل من معنى: ﴿ألم يروا كم أهلكنا﴾. والمعنى: ألم يروا أن القرون التي أهلكناها أنهم إليهم لا يرجعون.
ويجوز "إنهم" بالكسر على الاستئناف. [والمعنى] (٢) : هم إليهم لا يرجعون. انتهى كلام الزجاج.
والكسر في "إنهم" قراءة الحسن (٣). وقرأ ابن مسعود: "ألم يروا مَنْ أهلكنا" (٤)، والبدل على هذه القراءة بدل اشتمال. وفي هذه الآية إبطال لقول أهل الرجعة.
ويروى عن ابن عباس أنه قال حين قيل له: إن قوماً يزعمون [أن] (٥) علياً مبعوث قبل يوم القيامة: بئس القوم نحن إذاً، نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه (٦).
قوله تعالى: ﴿وإن كل لما جميع لدينا محضرون﴾ قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة:

(١)... في الأصل: استخباراً. والتصويب من الزجاج (٤/٢٨٥).
(٢)... في الأصل: المعنى. والتصويب من الزجاج، الموضع السابق.
(٣)... ذكر هذه القراءة البناء في: إتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٦٤).
(٤)... ذكر هذه القراءة الزمخشري في: الكشاف (٤/١٦).
(٥)... زيادة من المصادر التالية.
(٦)... أخرجه الطبري (١٤/١٠٥) عند تفسير قوله تعالى: ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت﴾ [النحل: ٣٨]. وذكره السيوطي في الدر (٧/٥٥) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر.
(١/٣٣٠)


الصفحة التالية
Icon