قوله تعالى: ﴿وما عملته أيديهم﴾ قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: "وما عَمِلَتْ" بغير هاء، وقرأ الباقون: "وما عَمِلَتْه" (١).
قال أبو علي الفارسي (٢) : من قرأ "عَمِلَتْه" احتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون بمعنى: الذي.
والآخر: أن تكون نافية، فإذا كانت بمعنى الذي؛ فموضعها جَرّ، عطفاً على "الثمر"، التقدير: ليأكلوا من ثمره ومن الذي عملته أيديهم.
ومن قرأ "وما عملتْ" فإنه حذفها من الصلة استخفافاً لطول الكلام.
وأكثر ما جاء في التنزيل من هذا على حذف الهاء؛ كقوله تعالى: ﴿أهذا الذي بعث الله رسولاً﴾ [الفرقان: ٤١]، ﴿وسلام على عباده الذين اصطفى﴾ [النمل: ٥٩]، و ﴿أين شركائي الذين كنتم تزعمون﴾ [الأنعام: ٢٢]، و ﴿لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم﴾ [هود: ٤٣] وكل هذا على حذف الهاء وإرادتها.
ومن أثبت الهاء في "وما عملتْه أيديهم" فعلى ما قيل ما تستحقه الصلة من الضمير العائد منها إلى الموصول، وقد جاء الإثبات أيضاً في التنزيل في قوله تعالى: ﴿إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾ [البقرة: ٢٧٥] وإن قُدِّرت "ما" ناصبة فلا موضع لها من الإعراب؛ لأنها حرف.
والمعنى: ليأكلوا من ثمره ولم تعمله أيديهم. ويقوي ذلك قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُون * أأنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارعُون﴾ [الواقعة: ٦٣-٦٤] فمن قدّر هذا

(١)... الحجة للفارسي (٣/٣٠٧)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥٩٨)، والكشف (٢/٢١٦)، والنشر (٢/٣٥٣)، والإتحاف (ص: ٣٦٥)، والسبعة (ص: ٥٤٠).
(٢)... الحجة (٣/٣٠٧).
(١/٣٣٤)


الصفحة التالية
Icon