وقيل: المعنى: وحفظناها حفظاً.
قال قتادة: خلقت النجوم لثلاث؛ رجوماً للشياطين، ونوراً يهتدى بها، وزينة للسماء الدنيا (١).
قوله تعالى: ﴿لا يسّمّعون﴾ قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر: "يَسَّمَّعُون" بتشديد السين وفتحها، أصله: يتسمَّعون، أدغموا التاء في السين. وقرأ الباقون: "يَسْمَعُون"، من سمع يسمع (٢).
قال ابن عباس: يتسمعون ولا يسمعون (٣).
قال الزمخشري (٤) : إن قلت: كيف اتصل "لا يَسَّمَّعُون" بما قبله؟
قلتُ: لا يخلو من أن يتصل بما قبله على أن يكون صفة لكل شيطان، أو استئنافاً، فلا تصح الصفة؛ لأن الحفظ من شياطين لا يسمعون ولا يتسمعون لا معنى له، وكذلك الاستئناف؛ لأن سائلاً لو سأل: كيف تحفظ من الشياطين؟ فأجيب بأنهم لا يسمعون؛ لم يستقم، فبقي أن يكون كلاماً منقطعاً مبتدأ اقتصاصاً، لما عليه حال المسترقة للسمع، وأنهم لا يقدرون أن يستمعوا إلى كلام الملائكة، أو يستمعوا وهم مقذوفون بالشهب مدحورون عن ذلك، إلا من أمهل حتى خطف خطفة واسترق استراقة؛ فعندها تعاجله الهلكة بإتباع الشهاب الثاقب.

(١)... ذكره الماوردي (٥/٣٨).
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٣١٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٠٥)، والكشف (٢/٢٢١)، والنشر (٢/٣٥٦)، والإتحاف (ص: ٣٦٨)، والسبعة (ص: ٥٤٧).
(٣)... أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/٣٢٠٥). وذكره السيوطي في الدر (٧/٧٩) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٤)... الكشاف (٤/٣٨-٣٩).
(١/٣٧١)


الصفحة التالية
Icon