الآية} [إبراهيم: ٢٢]، وجيء به على لفظ الماضي على عادة الله تعالى في إخباره، لكونه متحقق الكون.
﴿قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين﴾ قال ابن عباس: تقهرونا بالقوة، واليمين: القوة (١)، وأنشدوا:
إذا ما رايةٌ رُفعتْ لمجدٍ...... تلقّاها عَرابةُ باليمين (٢)
وقال بعض أهل المعاني (٣) : لما كانت اليمين أشرف العضوين وأمثلهما وكانوا يتيمّنون بها، فبها يُصافحون وبها يُناولون ويَتناولون ويُزاولون أكثر الأمور، ويتشاءمون بالشمال، ولذلك سَمُّوها: الشؤمى، كما سموا أختها: اليُمنى، وتيمَّنوا بالسانح، وتطيّروا من البارح (٤)، وعضدت الشريعة ذلك، فأمرت بمباشرة أفاضل الأمور باليمين، [وأراذلها] (٥) بالشمال. وكان رسول الله - ﷺ - يحب التيامن في كل شيء، وجعلت اليمين لكاتب الحسنات، والشمال لكاتب السيئات، ووعد المحسن أن يؤتى كتابه بيمينه، والمسيء أن يؤتاه بشماله؛ استعيرت للخير وجانبه، فقيل: أتاه عن اليمين، أي: من قبل الخير وناحيته، فصدّه عنه وأضله.
وقيل: كان الرؤساء قد حلفوا للأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا

(١)... ذكره الماوردي (٥/٤٥).
(٢)... البيت للشماخ بن ضرار المري. وهو في: اللسان (مادة: عرب، يمن)، والطبري (٢٣/٤٩)، والقرطبي (٥/٢٠، ٨/٢٥١، ١٤/١٤٧، ١٥/٧٥، ٢٧٨، ١٨/٢٧٥)، والماوردي (٥/٤٥).
(٣)... الكشاف (٤/٤٢-٤٣).
(٤)... السانح: ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك. والبارح: ما أتاك من ذلك عن يسارك (اللسان، مادة: سنح).
(٥)... في الأصل: وأرذالها. والتصويب من الكشاف (٤/٤٢).
(١/٣٨٢)


الصفحة التالية
Icon