والحجة للقول الثاني في القرآن: ما استنبطه محمد بن كعب القرظي، وذلك أن الله تعالى قال حين فرغ من قصة المذبوح: ﴿وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين﴾، وقال عز من قائل: ﴿فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب﴾ [هود: ٧١] يقول: [بابن] (١) وابن ابن، فلم يكن يأمره بإسحاق ليذبحه وله فيه من الله تعالى الموعد (٢). فلما لم يذكر الله تعالى إسحاق إلا بعد انقضاء قصة الذبح ثم بشره بإسحاق، علمنا أن الذبيح إسماعيل.
قال القرظي: قد ذكرتُ ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كنت معه بالشام، فقال لي عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام، وكان يهودياً فأسلم وحَسُنَ إسلامه، وكان يرى أنه من علماء اليهود، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك وأنا عنده فقال: أيُّ بَنِي إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إن اليهود ليعلمون ذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن [يكون] (٣) أباكم الذي كان من أمر الله سبحانه وتعالى فيه والفضل الذي ذكره الله تعالى عنه، لصبره على ما أمره به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق؛ لأن إسحاق أبوهم (٤).
واحتج أيضاً من نصر هذا القول: بأن قرني الكبش كانا منوطين بالكعبة، ولو

(١)... في الأصل: وأبا ابن. والتصويب من المصادر التالية.
(٢)... أخرجه الحاكم (٢/٦٠٥ ح٤٠٣٩)، والطبري (٢٣/٨٤). وذكره السيوطي في الدر (٧/١٠٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير والحاكم.
(٣)... زيادة من الطبري (٢٣/٨٥).
(٤)... أخرجه الطبري (٢٣/٨٤-٨٥). وذكره السيوطي في الدر (٧/١٠٧) وعزاه لابن إسحاق وابن جرير.
(١/٤٠٩)


الصفحة التالية
Icon