قال العلماء بالسير: فقال له ابنه الذي أراد ذبحه: يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها من دمي شيء فتراه أمي فتحزن، واستحدّ شفرتك، وأسرع مرَّ السكين على حلقي لتذبحني، فإن الموت شديد، وإذا أتيت أمي فأقرئها السلام مني، وإن رأيت أن تردّ قميصي على أمي فافعل، فإنه عسى أن يكون أسلى لها عني، فقال له إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله، ففعل إبراهيم ما أمره به ابنه، ثم أقبل عليه يُقبّله وقد ربطه وهو متكئ والابن يبكي، حتى استنقع بالدموع ما تحت خدّه، ثم إنه وضع السكين على حلقه فلم تحك السكين (١).
قال السدي: ضرب الله تعالى صفيحة من نحاس على حلقه (٢).
قالوا: فقال الابن عند ذلك: كبني لوجهي على جبيني، فإنك إذا نظرت في وجهي رحمتني وأدركتك رقة تحول بينك وبين أمر الله، وأنا لا أنظر إلى الشفرة فأجزع، ففعل إبراهيم ذلك، ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين، ونودي: يا إبراهيم! قد صدقت الرؤيا، هذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه (٣)، فنظر إبراهيم فإذا هو بجبريل ومعه كبش أقرن أملح، فكبَّر جبريل وكبَّر إبراهيم وكبَّر ابنه، فأخذ إبراهيم الكبش فأتى به المنحر من منى فذبحه (٤).

(١)... ذكره الطبري في تاريخه (١/١٦٤-١٦٥)، والبغوي (٤/٣٣).
(٢)... أخرجه الطبري (٢٣/٧٨). وذكره السيوطي في الدر (٧/١١٠) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٣)... أخرجه الفاكهي (٥/١٢٣-١٢٤).
(٤)... ذكره الطبري في تاريخه (١/١٦٥-١٦٦)، والبغوي في تفسيره (٤/٣٤-٣٥).
(١/٤١٢)


الصفحة التالية
Icon