وقرأ الباقون "أصْطَفَى" بفتح الهمزة (١)، على الاستفهام الذي بمعنى التوبيخ؛ كقوله تعالى: ﴿أم اتخذ مما يخلق بنات﴾ [الزخرف: ١٦]، وقوله تعالى: ﴿أم له البنات ولكم البنون﴾ [الطور: ٣٩]، وقوله تعالى: ﴿ألكم الذكر وله الأنثى﴾ [النجم: ٢١]، فكما أن هذه المواضع كلها استفهام، فكذلك قوله تعالى: ﴿أصْطَفَى البنات﴾. ومن قرأ بوصل الألف فإنه على وجه الخبر، كأنه: اصطفى البنات فيما يقولون؛ كقوله تعالى: ﴿ذُقْ إنك أنت العزيز الكريم﴾ [الدخان: ٤٩] أي: عند نفسك وفيما كنت تقوله وتذهب إليه.
ويجوز أن يكون المعنى: وإنهم لكاذبون، قالوا أصطفى البنات، فحذف: قالوا (٢). وقوله بعد: ﴿ما لكم كيف تحكمون﴾ توبيخ لهم على قولهم الكذب. ويجوز أن يكون قوله تعالى: ﴿أصطفى البنات﴾ بدلاً من قوله تعالى: ﴿ولد الله﴾ ؛ لأن ولادة البنات [واتخاذهنّ] (٣) اصطفاءً لهن. ويجوز أن يكون "اِصْطَفَى" تفسير لكذبهم الذي نسب إليهم في قولهم: ﴿ولد الله وإنهم لكاذبون﴾. هذا كله كلام أبي علي (٤).
وقال الفراء (٥) : أراد الاستفهام، فحذف حرف الاستفهام؛ كقوله تعالى: ﴿أذهبتم طيباتكم﴾ [الأحقاف: ٢٠].

(١)... الحجة للفارسي (٣/٣٢١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦١٢)، والنشر (٢/٣٦٠)، والإتحاف (ص: ٣٧١)، والسبعة (ص: ٥٤٩).
(٢)... قوله: "قالوا" مكرر في الأصل.
(٣)... زيادة من الحجة (٣/٣٢٢).
(٤)... الحجة للفارسي (٣/٣٢١-٣٢٢).
(٥)... معاني الفراء (٢/٣٩٤).
(١/٤٣٤)


الصفحة التالية
Icon