الله تعالى ويُمْضِيه، أو لشيء يُراد بنا لا نَقْدِر على دفعه.
﴿ما سمعنا بهذا﴾ الذي يقوله محمد - ﷺ - من التوحيد ﴿في الملة الآخرة﴾ يعنون: النصرانية؛ لأنها آخر الملل. والنصارى لا يُوحِّدون.
وقال قتادة: في ملة قريش الذي أدركوا عليها آبائهم (١).
﴿إنْ هذا﴾ الذي جاء به من التوحيد والقرآن ﴿إلا اختلاق﴾ افْتعال وافْتراء.
ثم أنكروا اختصاصهم من بين صناديدهم وعظمائهم لشرف النبوة فقالوا: ﴿أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري﴾ لأنهم كانوا يتردَّدُون بين التصديق بما يظهر لهم من دلائل نبوته، وبين التكذيب ذهاباً مع الحسد.
﴿بل لما يذوقوا عذابـ﴾ ـي بعد، فإذا ذاقوه عرفوا ما أنكروه، وهذا تهديدٌ لهم وإيذان بأنهم يذوقون عذاب الله.
﴿أم عندهم﴾ أي: أبأيديهم ﴿خزائن رحمة ربك﴾ حتى يتصرفوا فيها كيف شاؤوا فيصيبوا بالنبوة ويخصُّوا بالذِّكْر من أرادوا.
والمعنى: ليس ذلك إليهم، وإنما هو بيد ﴿العزيز﴾ القاهر على خلقه، ﴿الوهاب﴾ الكثير المواهب المصيب بها مواقعها ومواضعها.
﴿أم لهم مُلْكُ السموات والأرض وما بينهما﴾ حتى يَتَّكِلُوا في الأمور الربانية، ويتحكموا في الحكم الإلهية، ويتصرفوا في التدابير التي يختص بها الخالق المالك.
ثم رشح ذلك تهكماً بهم فقال تعالى: ﴿فليرتقوا في الأسباب﴾ أي: إن كانوا يصلحون لهذا الشأن العظيم وبأيديهم الخزائن ولهم الملك وزمام التصرف والتدبير

(١)... أخرج الطبري في تفسيره (٢٣/١٢٧) قال قتادة: أي: في ديننا هذا ولا في زماننا قط. وذكره السيوطي في الدر (٧/١٤٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.
(١/٤٥٤)


الصفحة التالية
Icon