قال ابن جني (١) : خفف الكلمة بحذف الزاي الثانية أو الأولى، كما حكاه ابن الأعرابي، من قولهم: ظَنْتُ، أي: ظننت، وكقول أبي زبيد:
خَلاَ إنَّ العِتَاق من المطايا...... أحَسْنَ به فهُنَّ إليه شُوسُ (٢)
فإن قيل: كيف شاع للملكين كلام قول ما لم يكن؟
قلتُ: هو على سبيل الفرض والتقدير لا على وجه التحقيق والإخبار.
﴿قال لقد ظلمك﴾ جواب قسم محذوف.
فإن قيل: كيف حكم عليه بالظلم من قبل أن يسمع كلامه؟
قلتُ: الظاهر أنه استنطقه فاعترف، غير أنه لم يحك في القرآن، أو يكون التقدير: إن كان الأمر على ما تقول: لقد ظلمك ﴿بسؤال نعجتك﴾، أي: بسؤاله نعجتك ﴿إلى نعاجه﴾ أي: ليَضُمَّها إلى نعاجه.
﴿وإن كثيراً من الخلطاء﴾ أي: الشُّركاء -وكان داود عليه السلام ظنهما شريكين- ﴿ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ المعنى: فإنهم لا يظلمون.
﴿وقليل مّا هم﴾ أي: هُمْ قليل.
و"ما" صلة، أو موصولة، على معنى: وقليل الذين هم كذلك.
قال المفسرون: فلما قضى داود عليه السلام بينهما نَظَرَ أحدهما إلى صاحبه فَضَحِكَ، وصعدا إلى السماء، فعلم داود عليه السلام أن الله تعالى ابتلاه، وإنما ذَكَّرَاه تمثيلاً لقصته، فهو قوله تعالى: ﴿وظن داود أنما فتناه﴾ أي: أيْقَنَ وعَلِمَ أنما
(٢)... تقدم.
(١/٤٧٦)