وهذا الذي ذكرناه من قطع أعناقها وسوقها هو المشهور في التفسير، وإنما فعل ذلك تقرُّباً إلى الله تعالى وكفارة لما فعل، وقد كانت الخيل مباحة في شرعهم كبهيمة الأنعام لنا.
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان يمسح سوقها وأعناقها ويكشف الغبار عنها حُبّاً لها (١).
وقال قوم: حبسها في سبيل الله وكَوَى سوقها وأعناقها بكَيّ الصدقة (٢).
ولقد فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ اجحب
قوله تعالى: ﴿ولقد فتنا سليمان﴾ أي: أعليناه واختبرناه بسلب ملكه.
وكان السبب في ذلك: ما حدثناه شيخنا الإمام أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن المبارك، أخبرنا جدي لأمي أبو المعالي ثابت بن بندار، أخبرنا أبو علي بن دوما، أخبرنا مخلد بن جعفر، أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا إسماعيل بن عيسى، أخبرنا إسحاق بن بشر، أخبرنا جويبر (٣)، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان سليمان عليه الصلاة والسلام رجلاً غَزَّاء، يغزو في البر والبحر، فسمع بملك في جزيرة من جزائر البحر، فركب
(٢)... ذكره البغوي في تفسيره (٤/٦١).
(٣)... جويبر بن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، ويقال اسمه جابر، وجويبر لقب، نزيل الكوفة، راوي التفسير، ضعيف جداً، مات بعد الأربعين (تهذيب التهذيب ٢/١٠٦، والتقريب ص: ١٤٣).
(١/٤٨٨)