أحدثتُ في كبري، قال: أحدثتَ أنَّ غير الله تعالى يُعْبَد في دارك منذ أربعين يوماً في هوى امرأة، قال: [في] (١) داري؟ قال: في دارك، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، عرفتُ ما قلتَ هذا إلا عن شيء بلغك (٢)، ثم رجع إلى داره وكسر ذلك الصنم وعاقب تلك المرأة وولائدها، ثم دعا بثياب الطهر (٣) فلبسها، ثم خرج إلى فلاة من الأرض ففُرش له الرماد، ثم أقبل تائباً إلى الله عز وجل، فجلس على ذلك الرماد يتمعَّك (٤) فيه [متذللاً] (٥) مُتضرِّعاً يبكي ويستغفر يقول: يا رب ما هذا بلاؤك عبد آل داود أن يعبدوا غيرك، وأن يقروا في دارهم وأهليهم عبادة غيرك، فلم يزل كذلك حتى أمسى، ثم رجع. وكانت له جارية سماها: الأمينة، وكان إذا أتى الخلاء أو أراد إتيان امرأة وضع خاتمه عندها، وكان لا يمسه إلا وهو طاهر، وكان الله تعالى جعل مُلْكه في خاتمه.
قال وهب: فجاء يوماً يريد الوضوء فدفع الخاتم إليها، وجاء صخر المارد فسبق سليمان فدخل المتوضأ فدخل سليمان لحاجته وخرج الشيطان على صورة سليمان ينفض لحيته من الوضوء لا تنكر من سليمان شيئاً، فقال: خاتمي يا أمينة، فناولته إياه ولا تحسب أنه إلا سليمان، فجعله في يده، ثم جاء حتى جلس على
(٢)... قوله: "إلا عن شيء بلغك" قدم في الأصل بعد قوله: "هوى امرأة" وهو وهم من الناسخ، وقد أخّر إلى هنا ليستقيم المعنى (انظر: البغوي ٤/٦٢).
(٣)... ثياب الطهر: هي ثياب لا تغزلها إلا الأبكار، ولا تنسجها إلا الأبكار، ولا تغسلها إلا الأبكار (البغوي ٤/٦٢).
(٤)... تمعّك فيه: أي: تمرّغ فيه (اللسان، مادة: معك).
(٥)... في الأصل: متذلاً.
(١/٤٩٠)