قالوا: نعم، فعمد عند ذلك فألقى الخاتم في البحر، فاستقبله جِرِّيٌّ (١) فابتلع الخاتم فصار في جوفه مثل الحريق من نور الخاتم، فاستقبل جرية الماء فوقع في شباك الصيادين الذين كان سليمان معهم، فلما أمسوا تقسموا السمك فأسقطوا الجِرِّيّ فجعلوه لسليمان، فذهب به إلى أهله، فأمرهم أن يصنعوه، فلما شقوا بطنه أضاء البيت نوراً من خاتمه، فدعَتِ المرأة سليمان فأرتْهُ الخاتم فتختَّم به، وخَرَّ لله تعالى ساجداً وقال: إلهي لك الحمد على قديم بلائك، وحسن صنعك إلى آل داود، إلهي أنت ابتدأتهم بالنعم، وأورثتهم الكتاب والحكم والنبوة، فلك الحمد، نعمائك ظهرت فلا تخفى، وبطنت فلا تحصى، فَلَكَ الحمد، إلهي لم تسلمني بذنوبي، فَلَكَ الحمد، تغفر الذنوب وتستجيب الدعاء، فَلَكَ الحمد، إلهي لم تسلمني بجريرتي، فلك الحمد، ولم تخذلني بخطيئتي، فَلَكَ الحمد، إلهي فأتمّ نعمتك عليّ واغفر لي ما سلف، وَهَبْ لي مُلْكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، فَلَكَ الحمد (٢).
وروى عكرمة: أن سليمان عليه السلام لما أصاب المُلْك أمر بحمل أهل ذلك البيت فوضعهم في وسط المملكة، ولم يكن سليمان نال تلك المرأة حتى رد عليه الملك ملكه. هذا تمام الحديث الذي سمعته من شيخنا.
قال السدي: فأمر سليمان بالشيطان الذي أخذ خاتمه فجُعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه وأقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر وهو حي كذلك إلى الساعة (٣).
(٢)... في الأصل زيادة قوله: قوله تعالى: ﴿ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب﴾.
(٣)... أخرجه الطبري (٢٣/١٥٩). وذكره السيوطي في الدر (٧/١٨٥) وعزاه لابن جرير.
(١/٤٩٣)