وقال الشعبي في سبب ذلك: ولد لسليمان ابن، فاجتمعت الشياطين فقال بعضهم لبعض: إن عاش له ولد لم ينفك ما نحن فيه من البلاء والسخرة، فسبيلنا أن نقتل ولده أو نخبله، فعلم سليمان عليه السلام بذلك، فأمر السحاب حتى حملته، وغدا ابنه في السحاب خوفاً من معرة [الشياطين] (١)، فعاقبه الله تعالى بخوفه من الشياطين، ومات الولد، فأُلقي ميتاً على كرسيه جسداً، فهو الجسد الذي قال الله تعالى: ﴿وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب﴾ (٢).
قال رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٣٨) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ
قوله تعالى: ﴿قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي﴾ قدَّم طلب المغفرة على طلب الملك؛ لأن المغفرة سبب للسعادة في الدار الآخرة، وهو مقصود الأنبياء والأولياء.
ومعنى: "لا ينبغي": لا يتسهل لأحد من بعدي.
فإن قيل: كيف سأل مُلْكاً لا ينبغي لأحد من بعده، والمعهود من حال الأنبياء والأولياء الإعراض عن الدنيا والإضراب عنها والزهد فيها، ثم لم يكتف بذلك
(٢)... ذكره الماوردي (٥/٩٦)، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/١٣٤-١٣٥).
(١/٤٩٥)