قوله تعالى: ﴿الله نزل أحسن الحديث﴾ قال ابن مسعود وابن عباس: قالت الصحابة: يا رسول الله لو حدَّثتنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
﴿كتاباً﴾ بدل من "أحسن الحديث"، أو حالاً منه (٢)، ﴿متشابهاً﴾ يشبه بعضه بعضاً ويصدق بعضه بعضاً، ليس فيه تناقض ولا اختلاف.
وقال قتادة: تشبه الآية الآية، والكلمة الكلمة، والحرف الحرف (٣).
وقال الزجاج (٤) : يشبه بعضه بعضاً في الفضل والحكمة.
وقال الزمخشري (٥) : متشابهاً في الصحة والإحكام والصدق، وتناسب ألفاظه وتناصفها في التخيّر والإصابة، وتجاوب نظمه وتأليفه في الإعجاز. ويجوز أن يكون ﴿مثاني﴾ بياناً لكونه متشابهاً؛ لأن القصص المكررة لا تكون إلا متشابهة.
والمثاني: جمع مثنى، بمعنى: مردّد ومكرّر، لما ثني من قصصه وأنبائه، وأحكامه، وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، ومواعظه.
وقيل: لأنه يثنى في التلاوة، فلا يمل كما جاء في وصفه لا يتفه ولا يتشان ولا يَخْلَقُ على كثرة الرد.
ويجوز أن يكون جمع مثنى: مَفْعَل، من التثنية، بمعنى: التكرير والإعادة.
فإن قيل: ما فائدة التثنية والتكرير؟

(١)... أخرجه الطبري (٢٣/٢١١) عن ابن عباس. وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٣٨٣). وذكره السيوطي في الدر (٧/٢٢١) وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.
(٢)... انظر: التبيان (٢/٢١٥)، والدر المصون (٦/١٣).
(٣)... أخرجه الطبري (٢٣/٢١٠). وذكره الماوردي (٥/١٢٢).
(٤)... معاني الزجاج (٤/٣٥١).
(٥)... الكشاف (٤/١٢٥).
(١/٥٣٩)


الصفحة التالية
Icon