قال السدي: قال ابن لقمان لأبيه: أرأيت لو أن حبّة من خردل في مَقْل البحر (١) أكان الله تعالى يعلمها؟ فقال له ما أخبر الله تعالى عنه في قوله: ﴿يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل﴾ (٢).
قرأ نافع: "مثقالُ" بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب (٣).
فمن رَفَعَ جعل "كان" تامة لا تحتاج إلى خبر، فرفع "المثقال" بها، وأتى بالفعل على لفظ التأنيث حملاً على المعنى؛ لأن المثقال في معنى السيئة أو المظلمة، ومثله قوله تعالى: ﴿فله عشر أمثالها﴾ [الأنعام: ١٦٠] فأنَّث؛ لأن المعنى: فله عشر حسنات.
ومن نَصَبَ جعل "كان" ناقصة، فأضمر فيها اسمها، ونصب "المثقال" على الخبر، على معنى: إن تك المظلمة أو السيئة قدر مثقال حبة من خردل.
﴿فتكن في صخرة﴾ قال ابن عباس: هي صخرة تحت الأرضين السبع، وهي التي تكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة السماء منها (٤).
قال السدي: هذه صخرة ليست في السماوات ولا في الأرض، هي تحت سبع أرضين، عليها ملك قائم (٥).

(١)... مَقْل البحر: موضع المغاص من البحر الذي يغمره الماء (اللسان، مادة: مقل).
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٤٤٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٣٢١).
(٣)... الحجة للفارسي (٣/٢٧٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥٦٥)، والكشف (٢/١٨٨)، والنشر (٢/٣٢٤)، والإتحاف (ص: ٣١٠-٣١١)، والسبعة (ص: ٥١٣).
(٤)... ذكره البغوي في تفسيره (٣/٤٩٢).
(٥)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٤٤٣).
(١/٥٦)


الصفحة التالية
Icon