وكل هذه الأقوال داخلة في قول أبي بن كعب.
قال الزجاج (١) : وجملته: أن كل ما يعذَّبُ به في الدنيا فهو العذاب الأدنى، والعذاب الأكبر: عذاب الآخرة.
وقال البراء: العذاب الأدنى: عذاب القبر (٢).
وقال جعفر بن محمد: العذاب الأدنى: غلاء السعر، والأكبر: خروج المهدي بالسيف (٣).
﴿لعلهم يرجعون﴾ إلى الإيمان والطاعة.
قوله تعالى: ﴿ثم أعرض عنها﴾ قال صاحب الكشاف (٤) :"ثم" هاهنا للاستبعاد. والمعنى: أن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد [في العقل والعادة] (٥)، كما تقول لصاحبك: وجدت [مثل] (٦) تلك الفرصة ثم لم تنتهزها؛ استبعاداً لتركه الانتهاز. ومنه "ثُمَّ" في بيت الحماسة:
لا يكشفُ [الغَمَّاءَ] (٧) إلا ابن حُرّةٍ...... يَرَى غَمَراتِ الموْتِ ثُمَّ يَزُورُها (٨)

(١)... معاني الزجاج (٤/٢٠٨).
(٢)... ذكره الماوردي (٤/٣٦٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٣٤١).
(٣)... ذكره الماوردي (٤/٣٦٥).
(٤)... الكشاف (٣/٥٢٢).
(٥)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٦)... في الأصل: منك. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٧)... في الأصل: الغمات. والتصويب من مصادر البيت.
(٨)... البيت لجعفر بن علبة الحارثي. انظر: الحماسة البصرية (١/١٥٠)، والبحر المحيط (٧/١٩٩)، والكشاف (٣/٥٢٢).
(١/٨٨)


الصفحة التالية
Icon