والأنثى [يقولون: نحن البراء منك، والخلاء منك] (١) لا يقولون: نحن البراءان منك ولا البراؤون. وإنما المعنى: أنا ذو البراء منك، ونحن ذو البراء منك، كما تقول: رجل عدل، وامرأة عدل، وقوم عدل.
قوله تعالى: ﴿إلا الذي فطرني﴾ مثل قوله تعالى في الشعراء: ﴿فإنهم عدو لي إلا رب العالمين﴾ [الشعراء: ٧٧]، وقد تكلمنا عليه.
قال الزمخشري (٢) :"الذي فطرني" فيه غير وجه: أن يكون منصوباً على أنه استثناء منقطع، كأنه قال: لكن الذي فطرني فإنه سيهدين. وأن يكون مجروراً بدلاً من المجرور بـ"مِنْ"؛ كأنه قال: [إنني] (٣) براء مما تعبدون إلا من الذي فطرني.
فإن قلت: كيف تجعله بدلاً وليس من جنس "ما تعبدون" من وجهين:
أحدهما: أن ذات الله تعالى مخالفة لجميع الذوات، فكانت مخالفة لذوات ما يعبدون.
الثاني: أن الله تعالى غير معبود بينهم والأوثان معبودة؟
قلتُ: قالوا: كانوا يعبدون الله تعالى مع آلهتهم، وأن تكون "إلا" صفة بمعنى: غير، على أن "ما" في [ما] (٤) تعبدون موصوفة، تقديره: إنني براء من [آلهة] (٥) تعبدونها غير الذي فطرني، فهو نظير قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله

(١)... زيادة من معاني الزجاج (٤/٤٠٩).
(٢)... الكشاف (٤/٢٥٠).
(٣)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٥)... في الأصل: آلهتكم. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(١/١١٣)


الصفحة التالية
Icon