وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)
ثم إن الله عز وجل أخبر عباده بهوان الدنيا عليه وخِسّتها عنده؛ لئلا يَظنَّ ظَانٌّ أو يَتوهّم مُتوهّم أن الموسَّع عليه منها والمحظوظ فيها، كان ما ناله منها باعتبار كرامته على الله تعالى ونفاسة قدره عنده، وأن المضيَّقَ عليه فيها والمحروم منها، كان باعتبار هوانه على الله، وخِسَّة قدره عنده، فقال تعالى: ﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة﴾ أي: لولا كراهة أن يُجمعوا على الكفر إذا رأوا زهرة الحياة الدنيا ملازمة له ومقرونة به ﴿لجعلنا﴾ لهوان الدنيا علينا ﴿لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم﴾. فقوله تعالى: ﴿لبيوتهم﴾ بدل اشتمال من قوله: ﴿لمن يكفر بالرحمن﴾ (١).
قال الفراء (٢) : إن شئت جعلت اللام في "لبيوتهم" مكررة؛ كقوله تعالى: ﴿يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ [البقرة: ٢١٧]، وإن شئت جعلتها بمعنى: على، كأنه قال: جعلنا لهم على بيوتهم.
﴿سقفاً من فضة﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو: بفتح السين وسكون القاف على التوحيد، ويريد الجنس. وقرأ الباقون: "سُقُفاً" بضمّهما على الجمع (٣). تقول:
(٢)... معاني الفراء (٣/٣١).
(٣)... الحجة للفارسي (٣/٣٧٥)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٤٩)، والكشف (٢/٢٥٨)، والنشر (٢/٣٦٩)، والإتحاف (ص: ٣٨٥)، والسبعة (ص: ٥٨٥).
(١/١١٨)