من التسع إلا وهي أكبر من كل واحدة منها، فتكون كل واحدة منها فاضلة ومفضولة في حالة واحدة.
قلتُ: الغرض بهذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر، لا يكدن يتفاوتن فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل، وتتقارب منازلها فيه التقارب (١) اليسير أن تختلف آراء الناس في تفضيلها، فيفضل بعضهم هذا وبعضهم ذاك.
فعلى هذا [بنى] (٢) الناس كلامهم، فقالوا: رأيت رجالاً بعضهم أفضل من بعض، [وربما] (٣) اختلفت آراء الرجل الواحد فيها، فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك. ومنه بيت الحماسة:
منْ تَلْقَ منهمْ تَقُلْ لاقيتُ سيِّدَهُم... مثلَ النجومِ الذي يَسْري بها السَّاري (٤)
ولقد فاضلت الأنمارية بين [الكَمَلَة] (٥) من بنيها، ثم قالت -لما أبصرت مراتبهم متدانية قليلة [التفاوت] (٦) -: ثَكِلْتُهُم إن كنتُ أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفْرَغَة لا يُدْرَى أين طرفاها.
قوله تعالى: ﴿وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون﴾ وقرأ ابن عامر: "يا أيُّهُ الساحر" (٧)، وقد ذكرتُ علته في سورة النور في قوله تعالى:

(١)... في الكشاف: وتتفاوت منازلها فيه التفاوت.
(٢)... في الأصل: بنوا. والمثبت من الكشاف (٤/٢٥٩).
(٣)... في الأصل: ربما. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... البيت في: الدر المصون (٦/١٠٢)، وروح المعاني (٢٥/٨٧)، والكشاف (٤/٢٥٩).
(٥)... في الأصل: الكلمة. والتصويب من الكشاف (٤/٢٥٩).
(٦)... في الأصل: التفوات. والتصويب من الكشاف (٤/٢٥٩).
(٧)... بضم الهاء. انظر: الحجة للفارسي (٣/٣٨٠)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٥٠)، والكشف (٢/١٣٧)، والإتحاف (ص: ٣٨٦)، والسبعة (ص: ٥٨٦-٥٨٧).
(١/١٢٩)


الصفحة التالية
Icon