وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)
قوله تعالى: ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون﴾ أطبق جمهور المفسرين أن نزول هذه الآية وما في حيزها كان بسبب قصة عبدالله بن الزبعرى ومجادلته النبي - ﷺ - حين نزل قوله تعالى: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم﴾ [الأنبياء: ٩٨]، وقد ذكرنا قصته في آخر الأنبياء (١)، وأن ابن الزبعرى قال: إن عيسى قد عُبِدَ من دون الله تعالى، وأن قريشاً استبشرت وتضاحكت فرحاً بفلجهم بالحجة على ظنهم.
فمعنى الآية: ولما ضرب عبدالله بن الزبعرى عيسى بن مريم مثلاً وجاء ذلك به حيث عبدته النصارى إذا قومك منه يصدون، أي: من هذا المثل، "يصدون": يصيحون ويَضِجُّون فرحين ضاحكين، من الصَّديد وهو الجلبة.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر والكسائي: "يَصُدُّون" بضم الصاد (٢).
قال الزجاج (٣) : الكسر أكثر، ومعناهما جميعاً: [يَضِجُّون] (٤). ويجوز أن يكون
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٣٧٩)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٥٢)، والكشف (٢/٢٦٠)، والنشر (٢/٣٦٩)، والإتحاف (ص: ٣٨٦)، والسبعة (ص: ٥٨٧).
(٣)... معاني الزجاج (٤/٤١٦).
(٤)... في الأصل: يضحكون. والتصويب من معاني الزجاج، الموضع السابق.
(١/١٣٦)