ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وفي خلقكم﴾.
والمعنى: وفي خلقكم من تراب ثم نطفة إلى أن يتكامل خلق الإنسان وينفخ فيه الروح ﴿وما يبث من دابة﴾ عطف على "الخلق" المضاف، لا على المضاف إليه؛ لأنهم يستقبحون عطف المُظْهَر على المُضْمَر المجرور.
وقد ذكرنا علة ذلك في أول النساء (١).
قرأ حمزة والكسائي: "آياتٍ لقومٍ يوقنون" و "آياتٍ لقومٍ يعقلون" بالنصب فيهما. وقرأ الباقون "آياتٌ" بالرفع فيهما (٢).
قال الزجاج وأبو علي وغيرهما (٣) : من قرأ برفع "الآيات"، فإن الرفع من وجهين:
أحدهما: العطف على موضع "إنَّ" وما عملت فيه؛ لأن موضعها رفع بالابتداء، فيحمل الرفع فيه على الموضع.
والآخر: أن يكون مستأنفاً ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة، فيكون قوله تعالى -على هذا- ﴿آياتٌ﴾ : مرتفعاً بالابتداء، أو بالظرف في قول من رأى الرفع به.
وأما حمزة والكسائي فإنهما حملا على لفظ "إنّ" دون موضعها، حَمَلاَ "آيات" في الموضعين على نصب "إنَّ" في قوله تعالى: {إن في السموات والأرض لآيات

(١)... عند الآية رقم: ١.
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٣٨٩)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٥٨)، والكشف (٢/٢٦٧)، والنشر (٢/٣٧١)، والإتحاف (ص: ٣٨٩)، والسبعة (ص: ٥٩٤).
(٣)... معاني الزجاج (٤/٤٣١-٤٣٢)، والحجة للفارسي (٣/٣٨٩-٣٩٠).
(١/١٨٥)


الصفحة التالية
Icon