قال المفسرون: وكان قد حُبِسَ القطرُ عنهم، فبعث الله تعالى سحابة سوداء، فلما رأوها فرحوا وقالوا: ﴿هذا عارض ممطرنا﴾، فقال لهم هود: ﴿بل هو ما استعجلتم به﴾ (١).
ثم بيّن ما هو فقال: ﴿ريح فيها عذاب أليم﴾ فجعلت الريح تحمل الفسطاط (٢) وتحمل الظعينة (٣) فترفعهما حتى ترى كأنها جرادة.
﴿تدمر كل شيء﴾ أي: تهلك كل شيء مرَّت به من الناس والدواب والأموال ﴿بأمر ربها فأصبحوا لا تَرى إلا مساكنَهم﴾.
قرأ عاصم وحمزة وخلف ويعقوب: "لا يُرى" بياء معجمة من تحت مضمومة، "مساكنُهم" بالرفع. وقرأ الباقون من العشرة: بتاء معجمة من فوق مفتوحة، "مساكنَهم" بالنصب (٤).
فالقراءة الأولى على معنى: [لا] (٥) يرى شيء إلا مساكنهم، ولذلك ذَكَّر الفعل؛ لأنه محمول على "شيء" المضمر، و"المساكن" بدل من "شيء". والقراءة الثانية على معنى: لا ترى يا محمد، أو لا ترى أيها السامع شيئاً إلا مساكنهم خالية ليس فيها أحد منهم.

(١)... أخرجه الطبري (٢٦/٢٥). وذكره الماوردي (٥/٢٨٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/٣٨٤).
(٢)... الفسطاط: بيت من شعر (اللسان، مادة: فسط).
(٣)... الظعينة: الجمل يُظعن عليه (اللسان، مادة: ظعن).
(٤)... الحجة للفارسي (٣/٤٠٠)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٦٦)، والكشف (٢/٢٧٤)، والنشر (٢/٣٧٣)، والإتحاف (ص: ٣٩٢)، والسبعة (ص: ٥٩٨).
(٥)... زيادة على الأصل.
(١/٢٢٨)


الصفحة التالية
Icon