فإن قلت: لم جرى مجرى التعليل؟
قلتُ: لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك: ضربته لإساءته، وضربته إذا أساء؛ لأنك إذا ضربته في وقت إساءته؛ فإنما ضربته فيه [لوجود إساءته فيه] (١) ؛ إلا أن "إذ"، و"حيث"، غلبتا دون سائر الظروف في ذلك.
ثم هدّد كفار مكة وزاد في تخويفهم فقال تعالى: ﴿ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى﴾ كديار ثمود، وعاد، ولوط، والمراد: أهل القرى، بدليل قوله: ﴿لعلهم يرجعون﴾ والمعنى: ﴿وصرفنا﴾ لأهل القرى ﴿الآيات﴾، جئناهم بها على ضروب مختلفة ﴿لعلهم يرجعون﴾ فلم يرجعوا.
﴿فلولا﴾ أي فهلا ﴿نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة﴾ يريد: أصنامهم، فإنهم كانوا يقولون: إنها تقربنا إلى الله وتشفع لنا عنده.
قال الزمخشري (٢) : وأحد مفعولي "اتخذوا" المحذوف العائد على "الذين"، والمفعول الثاني: "آلهة"، و"قرباناً": حال.
وقال المصنف: ويجوز أن يكون "قرباناً": مفعولاً ثانياً (٣).
قال الزمخشري (٤) : ولا يصح أن يكون "قرباناً" مفعولاً ثانياً و"آلهة" بدلاً منه؛ لفساد المعنى (٥).

(١)... في الأصل: لإساءته. والتصويب والزيادة من الكشاف (٤/٣١٣).
(٢)... الكشاف (٤/٣١٣).
(٣)... انظر: الدر المصون (٦/١٤٣).
(٤)... الكشاف (٤/٣١٣).
(٥)... قال أبو حيان في البحر المحيط (٨/٦٦) : ولم يبين الزمخشري كيف يفسد المعنى، ويظهر أن المعنى صحيح على ذلك الإعراب.
... وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٦/١٤٣) : ووجه الفساد -والله أعلم-: أن القربان اسم لما يتقرب به إلى الإله، فلو جعلناه مفعولاً ثانياً، و"آلهة" بدلاً منه، لزم أن يكون الشيء المتقرب به آلهة، والفرض أنه غير الآلهة، بل شيء يتقرب به إليها، فهو غيرها فكيف تكون الآلهة بدلاً منه؟ وهذا ما لا يجوز.
(١/٢٣٢)


الصفحة التالية
Icon