أولئك الجن اليهودية، ولذلك قالوا: "من بعد موسى" (١).
﴿يا قومنا أجيبوا داعي الله﴾ يعنون: محمداً - ﷺ -. وهذا يدل على أن الله تعالى أرسله إلى الجن والإنس. وقد ذكرناه في سورة الأنعام.
﴿وآمنوا به يغفر لكم مِنْ ذنوبكم﴾ قيل: "مِنْ" هاهنا صلة. وقيل: للتبعيض، نظراً إلى أن بعض الذنوب وهو ما كان من مظالم العباد يتوقف على رضى الخصم.
﴿ويجركم من عذاب أليم﴾ وهو عذاب النار.
قال ابن عباس: فاستجاب لهم من قومهم نحو من سبعين رجلاً من الجن، فرجعوا إلى رسول الله - ﷺ -، فوافوه بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم (٢).

فصل


اختلف العلماء في حكم مؤمني الجن؛ فذهب جماعة، منهم: الحسن، وأبو حنيفة، إلى أنه لا ثواب لهم سوى نجاتهم من النار (٣).
قال الحسن: ثوابهم أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم: كونوا تراباً مثل البهائم.
وذهب جماعة، منهم: مالك بن أنس، وابن أبي ليلى، إلى التسوية بينهم وبين الإنس في الثواب والعقاب؛ لاستوائهم في التكليف. وهو الصحيح.
قال الضحاك: الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون (٤).
(١)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧/٣٩٠)، والزمخشري في الكشاف (٤/٣١٦).
(٢)... ذكره القرطبي (١٦/٢١٧)، والبغوي (٤/١٧٥).
(٣)... انظر المصدرين السابقين، وفتح الباري (٦/٣٤٦).
(٤)... ذكره القرطبي (١٦/٢١٨).
(١/٢٣٨)


الصفحة التالية
Icon