أي: الزمي صبراً.
والمعنى: إذا لقيتم الذين كفروا فاقتلوهم، غير أنه لما كان الغالب في قتل الإنسان ضرب عنقه صار عبارة عنه وإن لم يقتل ضرب عنقه، كما في قوله: ﴿ذلك بما قدمت يداك﴾ وأمثاله.
﴿حتى إذا أثخنتموهم﴾ أكثرتم فيهم القتل وأغلظتموه، من الشيء الثَّخين؛ وهو الغليظ.
ويجوز أن يكون المعنى: حتى إذا أثخنتموهم بالقتل والجراح.
﴿فشدّوا الوثاق﴾ يريد: أسرهم لئلا يفلتوا منكم.
فالوَِثاق -بفتح الواو وكسرها-: اسم ما يوثق به (١).
﴿فإما منّاً بعد وإما فداءً﴾ هما منصوبان بفعلين مضمرين، أي: فإما تَمُنُّون مَنّاً وإما تفدون فِدَاءً، فخُيّر بعد الأسر بين هذين الأمرين، وهما المنّ عليهم بالإطلاق أو الفداء بعِوَض.

فصل


اختلف العلماء في حكم الأسير؛ فذهب عامة أهل العلم، منهم: ابن عمر، والحسن، وعطاء، وابن سيرين، والإمامان أحمد والشافعي: إلى أن هذه الآية محكمة (٢)، وأن الإمام مُخيّر في الأسير بين القتل والاسترقاق، والمنّ والفداء، ففي أي ذلك رأى المصلحة فعل؛ لأن رسول الله - ﷺ - قتل عقبة بن أبي معيط، والنضر بن
(١)... انظر: اللسان (مادة: وثق).
(٢)... ورجّحه الطبري (٢٦/٤٢). وانظر: الماوردي (٥/٢٩٤)، وزاد المسير (٧/٣٩٧).
(١/٢٤٩)


الصفحة التالية
Icon