وقال مكي (١) : من قصر جعله اسم فاعل على "فَعِل"؛ لأنه غير متعدّ إلى مفعول؛ كحَذِر، وهو قليل. ومن مَدَّ بناه على فاعل، وهو الأكثر في فَعِلَ يَفْعَلُ، نحو: جَهِلَ يَجْهَلُ فهو جاهل، وعَلِمَ يَعْلَمُ فهو عالم.
قوله تعالى: ﴿وأنهار من لبن﴾، ثم وصفه فقال: ﴿لم يتغير طعمه﴾ يريد: كما تتغير ألبان الدنيا، ﴿وأنهار من خمر لذة للشاربين﴾ سبق تفسيره في الصافات عند قوله تعالى: ﴿يطاف عليهم بكأس من معين﴾ [الصافات: ٤٥].
قال الزمخشري (٢) : قرئ بالحركات الثلاث، فالجر على صفة الخمر، والرفع على صفة الأنهار، والنصب على العلة، أي: لأجل لذة الشاربين.
قوله تعالى: ﴿وأنهار من عسل مصفى﴾ أي: ليس فيه عَكَر ولا كَدَر ولا شمع كعسل الدنيا. يشير بذلك إلى سلام لبن الجنة وخمرها وعسلها من الأقذاء والأكدار الملازمة لما في الدنيا من ذلك، بل هو لبن لم تشتمل عليه بطون اللقاح، وخمر لم تعصره الأقدام، وعسل لم تَجْرسه النحل.
﴿ولهم﴾ أي: للمتقين ﴿فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم﴾ لذنوبهم السالفة، ﴿كمن هو خالد في النار﴾.
قال الزجاج (٣) : المعنى: أفمن كان على بينة من ربه وأعطي هذه الأشياء، كمن زيّن له سوء عمله، وهو خالدٌ في النار.

(١)... الكشف (٢/٢٧٧).
(٢)... الكشاف (٤/٣٢٥).
(٣)... معاني الزجاج (٥/١٠).
(١/٢٥٨)


الصفحة التالية
Icon