وقال ابن قتيبة والزجاج (١) : لو تميزوا.
والمعنى: لو تميّز المسلمون من المشركين.
﴿لعذبنا الذين كفروا منهم﴾ بأيديكم أيها المكفوفون عنهم ﴿عذاباً أليماً﴾ بالقتل والسبي والأسر.
قوله تعالى: ﴿إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية﴾ يجوز أن يكون العامل في الطرف ما قبله، أي: لعذبناهم وقت جعلهم الحمية في قلوبهم. ويجوز أن يكون بإضمار: "اذكروا".
الحمية: الأَنَفَة، وذلك أنهم قالوا: لا والله لا يدخلون علينا وقد قتلوا بالأمس آبائنا وإخواننا وأبنائنا، ولا تتحدث العرب بذلك.
﴿فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين﴾ فلم يتداخلهم ما تداخل أولئك من الحمية، مع كونهم من سِنْخ (٢).. (٣) نفوس أبيّة وعزة عربية، بل استسلموا واحتملوا الأذى، وأغضوا الجفون على القذى؛ طاعة لله ولرسوله.
﴿وألزمهم كلمة التقوى﴾ أخرج الترمذي من حديث أبيّ بن كعب، عن النبي - ﷺ -: (("وألزمهم كلمة التقوى" قال: لا إله إلا الله)) (٤). وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك والسدي في آخرين (٥).

(١)... معاني الزجاج (٥/٢٧).
(٢)... السِّنْخ: الأصل من كل شيء (اللسان، مادة: سنخ).
(٣)... كلمة غير ظاهرة في الأصل.
(٤)... أخرجه الترمذي (٥/٣٨٦ ح٣٢٦٥).
(٥)... أخرجه مجاهد (ص: ٦٠٣)، والطبري (٢٦/١٠٥)، وابن أبي حاتم (١٠/٣٣٠١). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/٥٣٦-٥٣٧).
(١/٣١٤)


الصفحة التالية
Icon