من المعصية (١).
وقال الزجاج (٢) : اختبر قلوبهم فوجدهم مُخلصين، كما تقول: قد امتحنت هذا الذهب والفضة، أي: اختبرتهما بأن أذبتهما حتى خلصا، فعلمت حقيقة كل واحد منهما.
وقال ابن جرير (٣) : اختبرها بامتحانه إياها فاصطفاها وأخلصها للتقوى.
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
قوله تعالى: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون﴾ هذا من تمام ما نزل في وفد بني تميم، على ما ذكرناه في حديث ابن الزبير.
قال جابر بن عبد الله: جاءت بنو تميم إلى النبي - ﷺ - فنادوا على الباب: يا محمد! اخرج، فإن مدحَنا زين وذمّنا شين، قال: فسمعها رسول الله - ﷺ -، فخرج عليهم وهو يقول: إنما ذلكم الله الذي مدحُه زين وذمه شين، فقالوا: نحن أناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا لنشاعرك ونفاخرك، فقال النبي - ﷺ -: ما بالشعر بُعثت ولا بالفخار أُمرت، ولكن هاتوا، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام فقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض، من أكثرهم عدة ومالاً

(١)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧/٤٥٨).
(٢)... معاني الزجاج (٥/٣٣).
(٣)... تفسير الطبري (٢٦/١٢٠).
(١/٣٣٤)


الصفحة التالية
Icon