فلعلك أن تذكره بما هو فيك، أو لعلك تذكره بأمر قد عافاك الله منه، فما هذا جزاء العافية أن تجحد الشكر عليها، [أو لعلك] (١) تذكره بما فيك أعظم منه، فذلك أشد استحكاماً لمقته إياك، أما كنت تسمع: [ارحم] (٢) أخاك، واحمد الله الذي عافاك (٣).
الفصل الثالث: في كفارتها
روى سهل بن سعد الساعدي، أن رسول الله - ﷺ - قال: ((إذا اغتاب أحدكم أخاه من خلفه فليستغفر الله، فإن ذلك كفارة له)) (٤).
وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: ((كفارة من اغتبت أن تستغفر الله)) (٥).
ثم إن الله سبحانه وتعالى ضرب للغيبة مثلاً فقال تعالى: ﴿أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً﴾ فنهى سبحانه وتعالى عن الاغتياب، ثم حذر منه بأوكد الأسباب فقال: ﴿أيحب أحدكم﴾ يعني مع الإباء البشري والتنزه عن الخلق البهيمي أن يأكل لحم إنسان من جنسه، ثم جعله أخاً له ليجمع إلى كراهية الإنسان لحم من لا يقتات بمثله كون المأكول أخاً له يحنو عليه ويفتديه من المكاره بنفسه، ثم جعل ذلك الأخ ميتاً، إذ كان أكل الميت من لحوم الطير المشتهاة لا تقبله النفس ولو شارفت من الطَّوي الموت، فكيف إذا كان بشراً، ثم قسيماً في النسب وأخاً.

(١)... في الأصل: ولعلك. والمثبت من ب.
(٢)... زيادة من ب.
(٣)... ذكره ابن الجوزي في: صفة الصفوة (٣/١٧٦).
(٤)... ذكره ابن عدي في الكامل (٣/٢٤٧)، وابن حجر في اللسان (٣/٧٩) في ترجمة سليمان بن عمرو بن عبدالله. قال ابن عدي: وهذه الأحاديث عن أبي حازم كلها مما وضعه سليمان بن عمرو عليه.
(٥)... أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (ص: ١٧١)، وفي كتاب الغيبة والنميمة (ص: ١٣١).
(١/٣٦١)


الصفحة التالية
Icon