التصرف عليه مُحال نسبته إليه؛ لأن الله تعالى كيف فعل وتصرّف فله ذلك.
والمراد في هذه الآية وأمثالها: نفي الظلم اللغوي الذي هو وضع الشيء في غير موضعه، على معنى: وما أنا بظلاّم أضع العقوبة في غير موضعها، بل إنما أضعها وأُوقِعُها بمستحقها من الكفرة والفجرة، على ما تقتضيه حكمتي وعدلي.
فإن قيل: لو قال: "وما أنا بظالم" كان أبلغ في تحقيق معنى العدل، لنفيه أصل الظلم، فما باله عدل عنه إلى "ظلام"، ومقتضاه نفي الكثرة لا الأصل؟
قلتُ: إذا كان المعنى: وما أنا بظلاّم، أو ما ربك بظلاّم للعبيد فيعذبهم على غير جُرْم، كان النفي بصيغة التكثير أنفى للظلم، وأدلَّ على تحقيق معنى العدل من حيث المعنى، لدلالة مفهومه على تكثير الظلم، على تقدير العذاب على غير جرم، فنزّه نفسه سبحانه وتعالى عن الظلم قليله وكثيره بأبلغ الطرق، منبهاً على أن القليل منه كثير بالنسبة إليه جلّت عظمته.
وهذان الدخلان والجواب عنهما لم أُسْبَق إليهما، فإن يكن ذلك صواباً فمن فضل الله تعالى، وإن لم يكن ذلك فالله المسؤول التجاوز عني برحمته وكرمه.
وبعد أن سطرت الدخلين والجواب عنهما وجدت الزمخشري (١) قد تعرّض للدخل الثاني، وأجاب عنه بنحوٍ [مما] (٢) ذكرته، لكن في جوابي زيادةَ بَسْط وتقرير لم يتعرّض له.
(٢)... في الأصل: ما. والمثبت من ب.
(١/٣٩٠)