الحال (١). المعنى: المتقين في جنات وعيون في حال أخذ ما آتاهم ربهم.
﴿إنهم كانوا قبل ذلك﴾ يعني: في الدنيا ﴿محسنين﴾ موحدين طائعين.
وقال سعيد بن جبير: آخذين بما أمرهم ربهم، عاملين بالفرائض التي أوجبها عليهم. وروي نحوه عن ابن عباس (٢).
وفي نظم الكلام على هذا اضطراب (٣)، ولقد راجعتُ فيه بعض العلماء فقال: هو على حذف المضاف، تقديره: ثواب عملهم بالفرائض.
ويحتمل عندي أن يكون التقدير: إن المتقين في حكمي وعلمي في جنات وعيون، باعتبار ما يؤولون إليه والحكم لهم بذلك في حال كونهم آخذين قابلين ما أمرهم به ربهم، عاملين به، ولهذا قيل في التفسير: كانوا قبل نزول الفرائض محسنين في أعمالهم.
قوله تعالى: ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون﴾ الهجوع: النوم في الليل، وخصّه بعضهم بالقليل من النوم (٤)، وأنشدوا:
قد حَصَّتِ البيضةُ رأسِي فما... أطعمُ نَوماً غيرَ تَهْجَاع (٥)
و"ما" مع الفعل بتأويل المصدر، التقدير: كانوا قليلاً من الليل هجوعهم، فيكون هجوعهم بدلاً من الواو في "كانوا"، أي: كان هجوعهم قليلاً من الليل. أو

(١)... انظر: التبيان (٢/٢٤٣)، والدر المصون (٦/١٨٥).
(٢)... أخرجه الطبري (٢٦/١٩٦).
(٣)... يعني: حسب الظاهر.
(٤)... انظر: اللسان (مادة: هجع).
(٥)... البيت لأبي قيس بن الأسلت. وهو في: اللسان (مادة: هجع)، والقرطبي (٩/٢٠٨، ١٧/٣٥)، وروح المعاني (١٢/٢٥٩)، والأغاني (١٧/١٢٠)، والعين (٣/١٤).
(١/٤١٢)


الصفحة التالية
Icon