فَشَبَّهَ تحقيق ما أخبر عنه كتحقيق نطق الآدمي ووجوده كالذي تعرفه ضرورة.
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: "مثلُ" بالرفع صفة لـ"لحق"، أي: إنه لحق مثل نطقكم. وقرأ الباقون: "مثلَ" بالنصب (١).
قال مكي (٢) : حجتهم ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون مبنياً على الفتح لإضافته إلى اسم غير متمكِّن، وهو "أن"، كما بُنِيَتْ "غير" لإضافتها إلى "أن" في قوله:
لم يمنعِ الشُّربَ منها غير أن نَطَقَتْ........................... (٣)
الوجه الثاني: أن تجعل "ما" و"مثل" اسماً واحداً، وتبنيه على الفتح، وهو قول المازني، فهو عنده كقول الشاعر:
وتَدَاعَى مِنْخَراهُ بِدَمٍ... مثلَ ما أثْمَرَ حُمَّاضُ الجَبَل (٤)
فبنى "مثلاً" لَمَّا جعلها و"ما" اسماً واحداً.
الوجه الثالث: أن تنصب "مثلاً" على الحال من النكرة، وهي "حق". وهو قول الجرمي (٥).

(١)... الحجة للفارسي (٣/٤١٨)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٧٩)، والكشف (٢/٢٨٧)، والنشر (٢/٣٧٧)، والإتحاف (ص: ٣٩٩)، والسبعة (ص: ٦٠٩).
(٢)... الكشف (٢/٢٨٧-٢٨٨).
(٣)... تقدم.
(٤)... انظر البيت في: اللسان (مادة: حمض)، والدر المصون (٦/١٨٧)، والحجة للفارسي (٢/٤٠٤، ٣/٤١٩). والحُمّاض: بقلة برّيّة تنبت أيام الربيع في مسايل الماء ولها ثمرة حمراء، وهي من ذكور البقول (اللسان، مادة: حمض).
(٥)... هو: صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي، أخذ النحو عن الأخفش، وقرأ كتاب سيبويه عليه، ولقي يونس، وكان رفيقاً للمازني، وأخذ اللغة عن أبي زيد وطبقته، وكان ورعاً، وله تصانيف. توفي سنة ٢٢٥هـ (انظر: إنباه الرواة ٢/٨٠، ونزهة الألباء ص: ١٤٣، ومراتب النحويين ص: ٧٥).
(١/٤١٨)


الصفحة التالية
Icon