صاح الأعرابي: وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فقال: وهل غير هذا؟ قلت: نعم. يقول الله تعالى: ﴿فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾، فصاح الأعرابي وقال: يا سبحان الله، من الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ ألم يصدقوه حتى ألجأوه إلى اليمين؛ قالها ثلاثاً وخرجت فيها نفسه (١).
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠)
قوله تعالى: ﴿هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين﴾ الاستفهام بمعنى تفخيم شأن القصة، والتنبيه على أن العلم بهذا الحديث لا طريق له سوى الوحي.
وقد سبق أن الضيف في الأصل مصدر، فلذلك يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث، وهم الملائكة الذين جاؤوه بالبشرى. وقد ذكرنا عددهم في سورة هود (٢). ووصفهم بالإكرام؛ لأن خير البرية إبراهيم - ﷺ - خَدَمَهُم بنفسه وخَدَمَتْهم زوجه سارة عليهما السلام، وعجّل لهم القِرى بذبح العجل، أو لأنهم [مكرمون] (٣) عند الله. قال الله عز وجل: ﴿بل عباد مكرمون﴾ [الأنبياء: ٢٦].

(١)... أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/١١٥)، وابن قدامة في كتاب التوابين (ص: ٢٧٣-٢٧٤).
(٢)... عند الآية رقم: ٧٠.
(٣)... في الأصل: مكرومون. والتصويب من ب.
(١/٤٢١)


الصفحة التالية
Icon