وقال جماعة من أهل المعاني: ما خلقتهم إلا ليخضعوا ويذلوا لي، وكلّ الخلق خاضعٌ ذليلٌ لعزة الله تعالى (١).
﴿ما أريد منهم من رزق﴾ أي: ما أريد منهم أن يرزقوا أحداً من خلقي، ولا أن يرزقوا أنفسهم، وما أريد أن يطعموا أحداً من خلقي.
وإنما أسند الإطعام إلى نفسه؛ لأن الخلق عيال الله، فمن أطعم عيال الله فقد أطعم الله، ومنه الحديث: ((استطعمتك فلم تطعمني)) (٢).
﴿إن الله هو الرزاق﴾ وقرأ الضحاك وابن محيصن: "الرَّازق" (٣).
قال الخطابي (٤) : المُتَكَفِّلُ بالرِّزْقِ، القائم على كل نَفْسٍ بما يُقيمُها من قُوتِها، والمتين: الشديد القوة.
وقرأ أبو رزين وقتادة وأبو العالية والأعمش وقتيبة عن الكسائي: "المتينِ" بكسر النون (٥).
قال الزجاج (٦) : جعل "المتين" صفة للقوة؛ لأن تأنيث القوة كتأنيث الموعظة. فالمعنى: ذو [الاقتدار] (٧) الشديد.
قوله تعالى: ﴿فإن للذين ظلموا﴾ يعني: مشركي مكة ﴿ذَنُوباً﴾ نصيباً من

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/١٨١).
(٢)... أخرجه مسلم (٤/١٩٩٠ ح٢٥٦٩).
(٣)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٤٠٠).
(٤)... شأن الدعاء (ص: ٥٤، ٧٧).
(٥)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٤٠٠).
(٦)... معاني الزجاج (٥/٥٩).
(٧)... في الأصل: الأقدار. والتصويب من ب.
(١/٤٣٢)


الصفحة التالية
Icon