يوماً، وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة أسلّم عليها، فوجدتها ذات يوم تصلي السبحة وهي تقرأ: ﴿فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم﴾ وترددها وتبكي، فقمتُ حتى مللت، ثم ذهبت السوق لحاجتي، ثم رجعت فإذا هي تقرؤها وترددها وتبكي وتدعو (١).
﴿إنا كنا من قبل﴾ أي: من قبل لقاء الله والرجوع إليه، حين كنا في الدنيا ﴿ندعوه﴾ نُوَحِّده ونعبده.
وقيل: ندعوه أن يقينا عذابه.
﴿إنه هو البر الرحيم﴾ قرأ أبو جعفر ونافع والكسائي: "أَنه" بفتح الهمزة، على معنى: ندعوه لأنه، وقرأ الباقون من العشرة: "إِنه" بكسرها على الاستئناف (٢).
قال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه: البَرُّ: الصادق في وعده (٣).
وقال في رواية ابن أبي طلحة: البَرُّ: اللطيف (٤).
وقال الخطابي (٥) : البَرُّ: العَطُوفُ على عباده، المُحْسِنُ إليهم، الذي عَمَّ بِرُّهُ جميع خلقه.

(١)... لم أقف عليه في المطبوع من الزهد. وقد أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/١٣٠).
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٤٢٦)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٨٣-٦٨٤)، والكشف (٢/٢٩١)، والنشر (٢/٣٧٨)، والإتحاف (ص: ٤٠١)، والسبعة (ص: ٦١٣).
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨/٥٣).
(٤)... أخرجه الطبري (٢٧/٣٠)، وابن أبي حاتم (١٠/٣٣١٧). وذكره السيوطي في الدر (٧/٦٣٥) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥)... شأن الدعاء (ص: ٨٩).
(١/٤٥٠)


الصفحة التالية
Icon