القدر (١).
قوله تعالى: ﴿ذوقوا مس سقر﴾ على إرادة القول، أي: يقال لهم ذوقوا مسّ سقر.
قال الحسن البصري رحمه الله: والله لو أن قدرياً صام حتى يصير كالحبل، ثم صلى حتى يصير كالوَتَر، ثم أُخذ ظُلماً وزُوراً حتى ذُبح بين الركن والمقام، لكبَّه الله على وجهه في سقر، ثم قيل له: ذُقْ مَسَّ سقر (٢).
قوله تعالى: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقَدَر﴾ قرأ العشرة وأكثر القرّاء: "كلَّ" بالنصب بفعل مُضْمَر يفسره الظاهر.
وقرأ أبو [السَّمَّال] (٣) العدوي البصري: "إِنَّا كُلُّ شَيْءٍ" بالرفع (٤).
قال أبو الفتح (٥) : الرفع هنا أقوى من النصب، وإن كانت الجملة على النصب، وذلك أنه في موضع الابتداء، فهو كقولك: زيدٌ ضربتُه، وهو مذهب صاحب الكتاب (٦) والجماعة. وذلك لأنها جملة وقعت في الأصل خبراً عن مبتدأ، من قولك: نحن كل شيء خلقناه بقدر، فهو كقولك: هندٌ زيدٌ ضربها، ثم دخلت

(١)... أخرجه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة (٤/٥٨٥ ح١٠٣٧، ٤/٦٦٢ ح١٢٠٢)، وابن منده في الإيمان (١/١٤٣ ح١١).
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٢١٤-٢١٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/١٠٢).
(٣)... في الأصل: السماك. والتصويب من ب.
(٤)... انظر هذه القراءة في: البحر (٨/١٨١)، والدر المصون (٦/٢٣٢).
(٥)... المحتسب (٢/٣٠٠).
(٦)... انظر: الكتاب (١/١٤٨) وفيه عن الآية: "فأما قوله عز وجل: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ فإنما هو على قوله: زيداً ضربته، وهو عربي كثير".
(١/٥٣٩)


الصفحة التالية
Icon