﴿يذرؤكم﴾ قال الفراء وغيره: يُكَثِّركم. يقال: ذرأ الله تعالى الخلق: بَثَّهم وكثَّرهم.
قال الزجاج (١) : يُكَثِّركم بجعْله منكم ومن الأنعام أزواجاً.
وقال السدي: يخلقكم (٢).
وقوله تعالى: ﴿فيه﴾ في الأرحام. وقيل: في البطن. وقيل: في الزوج. وقيل: "فيه" بمعنى: به، أي: يذرؤكم ويُكَثِّرُكُم بما جعل لكم من الأزواج.
وقال الزمخشري (٣) : المعنى: يذرؤكم في هذا التدبير، وهو أن جعل للناس والأنعام أزواجاً، حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل.
والضمير في "يذرؤكم" يرجع إلى المخاطبين والأنعام، مغلباً فيه المخاطبون العقلاء.
فإن قلت: هلا قيل: يذرؤكم به؟
قلتُ: جعل هذا التدبير كالمنبع والمعدن للبث والتكثير؛ كما قال ثعلب: ليس كهو شيء، [والمثل] (٤) زائد للتوكيد (٥). وقد ذكرنا هذا عند قوله: ﴿فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به﴾ في سورة البقرة (٦).

(١)... معاني الزجاج (٤/٣٩٥).
(٢)... أخرجه الطبري (٢٥/١١). وذكره السيوطي في الدر (٧/٣٣٩) وعزاه لابن جرير.
(٣)... الكشاف (٤/٢١٧).
(٤)... في الأصل: المثل. والتصويب من الماوردي (٥/١٩٥).
(٥)... انظر قول ثعلب في: الماوردي (٥/١٩٥).
(٦)... عند الآية رقم: ١٣٧.
(١/٥٩)


الصفحة التالية
Icon