ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)
قوله تعالى: ﴿اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو﴾ باطلٌ وغرورٌ، ثم ينقضي ويزول عن قريب.
والمراد: إعلامُ العبد أن الدنيا التي حالت بين أكثرهم وبين النظر لآخرتهم الباقية هي هذه اللذات الحائلة الزائلة، التي هي في نضارتها وحُسن رونقها كالزرع.
قال علي عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر: لا تحزن على الدنيا فهي ستة أشياء: مطعوم، ومشروب، وملبوس، ومشموم، ومركوب، ومنكوح، فأكبر طعامها العسل، وهو بزقة ذبابة، وأكبر شرابها الماء، واستوى فيه جميع الحيوان، وأكبر الملبوس من الديباج، وهو نسج دودة، وأكبر المشموم المسك، وهو دم فأرة ظبْية، وأكبر المركوب الفرس، وعليها تُقتل الرجال، وأكبر المنكوح النساء، وهو مَبَالٌ في مَبَال. والله! إن المرأة لتُزَيِّنُ أحسنَها، [فيرادُ منها] (١) أقبحُها (٢).
ثم إن الله سبحانه وتعالى ضرب لها مثلاً فقال: ﴿كمثل غيث أعجب الكفار﴾ (٣) يعني: الزرَّاع. وقيل: الكفّار بالله؛ لأنهم أفرحُ بالدنيا وجودة نباتها من المؤمنين.
قوله تعالى: ﴿نباته﴾ وهو ما ينبت به، ﴿ثم يهيج﴾ يَيْبَس ﴿فتراه مصفراً﴾ بعد خضرته ورَيِّه ﴿ثم يكون حطاماً﴾ يتحطم وينكسر.
(٢)... ذكره الثعلبي (٩/٢٤٤) في تفسيره، والخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير (٤/٢١١).
(٣)... في الأصل زيادة قوله: ﴿نباته﴾. وستأتي بعد قليل.
(١/٦٤٧)