﴿وأنزل لكم من الأنعام﴾ (١) [الزمر: ٦].
﴿فيه بأسٌ شديد﴾ وهو المحاربة به، يشير إلى أنه يُتخذ منه السلاح ﴿ومنافع للناس﴾ في معايشهم ومصالحهم وصنائعهم، فقلّ أن ترى صنعة إلا والحديد قوامها، أو له فيها مدخل بوجه من الوجوه.
﴿وليعلم الله﴾ علم مشاهدة ورؤية ﴿من ينصره ورسله﴾ أي: وينصر رسله بالآلة التي تُتَّخَذُ من الحديد للمحاربة؛ كالسيوف والرماح، ﴿بالغيب﴾ أي: ينصرونه غائباً عنهم، فهو حال من المفعول (٢).
قال ابن عباس: ينصرونه ولا يبصرونه (٣).
﴿إن الله قوي عزيز﴾ لا يُغَالَب، فلو شاء أن ينتقم من أعدائه لفعل، لكنه أمر أولياءه بمجاهدة (٤) أعدائه لينتقم منهم بأيديهم، ويُنيلهم إذا امتثلوا أمره درجاتٍ مخصوصاتٍ بالمجاهدين.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/٢٥٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/١٧٤) بلا نسبة.
(٢)... انظر: الدر المصون (٦/٢٨٠).
(٣)... ذكره الزمخشري في: الكشاف (٤/٤٧٨).
(٤)... في ب: بجهاد.
(١/٦٥٤)


الصفحة التالية
Icon