ومعنى إنزاله: إلهام الخلق العمل به.
﴿وما يدريك لعل الساعة قريب﴾ مُفسَّر في أواخر سورة الأحزاب (١).
فإن قيل: كيف طابق ذكر اقتراب الساعة وذكر إنزال الكتاب والميزان؟
قلتُ: براهين وجوب الإيمان بالكتاب والاعتصام بالعدل قطعية، وشهود ثبوتها مقبولة عند حاكم العقل، فالمعتاد لمعظم الناس [عند] (٢) الأخذ بذلك إنما هو الركون إلى الحياة الدنيا والسكون إلى شهواتها، والاغترار بزينتها، فوعظهم بقرب مجيء الساعة مُعَرِّضاً بفناء الدنيا وذهاب ما اغتروا به من شهواتها وزينتها، استمالة لهم إلى الدين المنجي من عذابها.
وقال الزمخشري في جواب هذا السؤال (٣) : الساعة يوم الحساب ووضع الموازين بالقسط، فكأنه قيل: أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم فيه ويزن أعمالكم.
قوله تعالى: ﴿ألا إن الذين يمارون في الساعة﴾ أي: يجادلون ويلاجون، كأنّ كل واحد من المتجادلين يمري ما عند صاحبه، أي: يستخرجه.
قال الزجاج (٤) :"يُمارُون": تدخلهم المِرْيَة والشك.
و"اللطيف": مُفسّر في الأنعام (٥).

(١)... عند الآية رقم: ٦٣.
(٢)... في الأصل: عن. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣)... الكشاف (٤/٢٢١).
(٤)... معاني الزجاج (٤/٣٩٧).
(٥)... عند الآية رقم: ١٠٣.
(١/٦٦)


الصفحة التالية
Icon