كان في مثل حالهم، وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله. ومثال ذلك: أن يخون بعض الأمناء فيقول: لعل الله خذلني، لعل الله أعمى قلبي، وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب. وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله. ثم قال (١) : ومن عادة الله أن يمحو الباطل ويثبت الحق ﴿بكلماته﴾ بوحيه أو بقضائه، كما قال تعالى: ﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه﴾ [الأنبياء: ١٨] يعني: لو كان مفترياً كما تزعمون لكشف الله تعالى افتراءه ومحقه وقذف بالحق على باطله فدمغه. ويجوز أن يكون عِدَةً لرسول الله - ﷺ - بأنه يمحو الباطل الذي هُم عليه من البهت والتكذيب، ويثبت الحق الذي أنت عليه بالقرآن أو بقضائه الذي لا مردّ له من نصرتك عليهم.
وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿ويمحو الله الباطل﴾ (٢) : ليس بمردود على "يختم" فيكون جزماً، وإنما هو مستأنف، ومثله مما حذف منه الواو: ﴿ويدع الإنسان بالشر﴾ [الإسراء: ١١].
وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، تقديره: والله يمحو الباطل (٣).
وقال الزجاج (٤) : الوقف عليها "ويمحو" بواو. والمعنى: والله يمحو، غير أنها كتبت في المصحف بغير واو؛ لأن الواو تسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين.
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ
(٢)... معاني الفراء (٣/٢٣).
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧/٢٨٦).
(٤)... معاني الزجاج (٤/٣٩٩).
(١/٧٣)