قوله تعالى: ﴿وما بث فيهما من دابة﴾ يجوز أن يكون محمولاً على المضاف فيكون مرفوعاً، أو المضاف إليه فيكون مجروراً.
فإن قيل: الدواب في الأرض فكيف قال: ﴿ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما﴾ ؟
قلتُ: هو مثل قوله تعالى: ﴿يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان﴾ [الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من أحدهما وهو الملح، وسِرُّ ذلك: أن الشيء يجوز أن ينسب إلى جملته هو ملتبس [ببعضها] (١)، كقوله عليه الصلاة والسلام: ((ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل)) (٢)، ومعلوم أن خزاعة لم يتمالؤوا على قتل الهذلي، وإنما قتله بعضهم.
ومثله قول بعض بني هاشم:
وعند غني قطرة من دمائنا...... وفي أسد أخرى تعدّ وتذكر (٣)
وقال بعض أهل العلم: يجوز أن يكون للملائكة عليهم السلام مشي مع الطيران، فيوصفوا بالدبيب كما يوصف به الأناسي. ولا يبعد أن يخلق الله تعالى في السموات حيواناً يمشون فيها مشي الأناسي على الأرض (٤).
﴿وهو على جمعهم﴾ بعد تمزقهم وتمزق أشعارهم وأبشارهم ﴿إذا يشاء قدير﴾.

(١)... في الأصل: بعضها. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢)... أخرجه أبو داود (٤/١٧٢ ح٤٥٠٤).
(٣)... البيت لابن أبي عقب الليثي، وهو في: تاريخ الطبري (٣/٣٣٢، ٤٦٦).
(٤)... ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/٢٢٩).
(١/٧٧)


الصفحة التالية
Icon