اللوم عمن أساء إليهم؟ قال: لأنهم علموا أن ما ابتلاهم الله تعالى به بذنوبهم. قال الله تعالى: ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾ (١).
وقال عكرمة: ما من نكبة أصابت عبداً فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليبلغه إياها إلا بها (٢).
فإن قيل: ما بال الطفل والمجنون يصابان ولا ذنب لهما؟
قلتُ: لما ذكرته آنفاً، وهو في حقهما لرفع درجتهما إن كانا من أهل السعادة، كما يمتحن النبي والولي.
فإن قيل: يجوز أن تكون الآية متناولة للكافر أيضاً؟
قلتُ: نعم، ويكون ما أصابه في الدنيا من البلاء من جملة ما يعذب به.
فإن قيل: على هذا فما نصنع بقوله تعالى: ﴿ويعفو عن كثير﴾ ؟
قلتُ: يكون مخصوصاً بالمؤمنين، أو يكون على عمومه في حق الناس، صالحهم وطالحهم، وغير ممتنع عقلاً وشرعاً أن يتجاوز الله تعالى عن بعض ذنوبه، فلا يعذبه عليها.
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥)

(١)... أخرجه الثعلبي (٨/٣٢٠).
(٢)... ذكره الثعلبي، الموضع السابق.
(١/٨٠)


الصفحة التالية
Icon