المنتصرين: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾ وقال] (١) :﴿والذين استجابوا لربهم﴾ إلى قوله: ﴿ينفقون﴾ وهم الأنصار، ثم ذكر الصنف الثالث فقال: ﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾ من المشركين (٢).
وقيل: إنها عامة في جميع الناس.
قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يُستذلوا، فإذا قدروا عفوا (٣).
فإن قيل: هل يحمدون على الانتصار؟
قلتُ: نعم إذا لم يكن المنتصر متعدياً فيه؛ لأنه إذا تجرأ في الانتصار فَجَانَبَ ما لا يسيغه الشارع له، وفَعَلَ ما يبيحه له كان مطيعاً لله تعالى، ألا ترى أن مجتنب المعاصي ممدوح محمود في الآية السالفة، وهي قوله تعالى: ﴿والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش﴾.
فإن قيل: فكيف يجمع بين هذه الآية الدالة على كونهم محمودين وبين الآيات المشتملة على فضيلة العفو؟
قلتُ: لا تناقض بين الحالتين، فإن المنتصر على الوجه المشروع محمود على الوجه الذي ذكرناه، والعافي له رتبة الفضيلة، حيث أغضى عن حقه وكظم على ما في نفسه ابتغاء وجه الله تعالى، وصار هذا بمنزلة من استحق دَمَ إنسان قصاصاً، فإنه إن طالب القصاص على الوجه المشروع أو الدية على الوجه المقدر في الشرع

(١)... زيادة من زاد المسير (٧/٢٩١-٢٩٢).
(٢)... أخرجه الطبري (٢٥/٣٧). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧/٢٩١-٢٩٢).
(٣)... أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/٣٢٧٩). وذكره البخاري تعليقاً (٢/٨٦٣)، والسيوطي في الدر (٧/٣٥٧) وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١/٨٦)


الصفحة التالية
Icon