ينظر موسى إلى الله، ونزلت هذه الآية (١).
ومعنى الآية: ما صلح لبشر ﴿أن يكلمه الله﴾ إلا على أحد أوجه ثلاثة:
﴿إلا وحياً﴾ في المنام، أو بطريق الإلهام، كما أوحى إلى إبراهيم في ذبح ولده، وإلى أم موسى بما قذف في قلبها، ومنه قول عبيد بن الأبرص:
وأوْحَى إليَّ اللهُ أنْ قَدْ تَأمَّرُوا... بإبل أبي أوفى فَقُمْتُ عَلَى رِجْلِ (٢)
أي: ألهمني وقذف في قلبي.
﴿أو من وراء حجاب﴾ وهو أن يسمع كلامه ولا يراه، كما كَلَّمَ الله تعالى موسى. وهذا الوجه الثاني.
﴿أو يرسل رسولاً﴾ من ملائكته، إما جبريل أو غيره إلى من اختصه بالنبوة واختاره للرسالة، وجبريل أمين الوحي، وهو صاحبه الملازم له. وهذا الوجه الثالث.
قرأ نافع: "أو يرسلُ" بالرفع، ﴿فيوحيْ﴾ بسكون الياء، على الاستئناف والقطع مما قبله، أو على إضمار مبتدأ، تقديره: وهو يرسل.
وقال أبو علي (٣) :"يرسل" فعل مضارع قد وقع موقع الحال، والتقدير: ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو إرسالاً، "فإرسالاً" معطوف على "وحياً" الذي هو مصدر في موضع الحال.
(٢) البيت في: البحر المحيط (٧/٥٠٣)، وروح المعاني (٢٥/٥٤)، والكشاف (٤/٢٣٧).
(٣)... انظر: الحجة للفارسي (٣/٣٦٦-٣٦٨).
(١/٩٤)