يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (١٣)
قوله تعالى: ﴿لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم﴾ قال المقاتلان (١) : يريد: اليهود، وذلك أن ناساً من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود أخبار المسلمين، يتوصّلون بذلك إليهم، ليصيبوا من ثمارهم، فنزلت هذه الآية (٢).
﴿قد يئسوا﴾ يعني: القوم الذين غضب الله عليهم ﴿من الآخرة﴾ أي: من ثواب الآخرة بسبب كفرهم بمحمد - ﷺ -، وهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم. هذا قول جمهور العلماء.
﴿كما يئس الكفار﴾ يعني: عَبَدَةَ الأوثان، يئسوا ﴿من﴾ الموتى ﴿أصحاب القبور﴾ أن يرجعوا أحياء، فيكون على حذف المضاف، تقديره: من بعث أصحاب القبور.
قال ابن عباس: كما يئس الكفار مِنْ بعث مَنْ في القبور (٣).
فيكون "مِنْ" على هذا القول؛ مفعول "يئس الكفار".
وقال مجاهد: كما يئس الكفار الذين ماتوا من ثواب الآخرة؛ لأنهم أيقنوا بالعذاب (٤).
فيكون "مِنْ" على هذا القول؛ بياناً للكفار الذين قُبروا.

(١)... تفسير مقاتل بن سليمان (٣/٣٥٤).
(٢)... انظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٤٤٥).
(٣)... ذكره الماوردي (٥/٥٢٦)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٢٤٨).
(٤)... أخرجه مجاهد (ص: ٦٧٠)، والطبري (٢٨/٨٢). وذكره الماوردي (٥/٥٢٦).
(١/١٠٥)


الصفحة التالية
Icon