تدعنّي نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار، فقال النبي - ﷺ -: بل نرفُقُ به، ونُحسن صحبته ما بقي معنا، فلما قاربوا المدينة وقف له ابنه على فوهة الطريق وقال: وراءك؟ فقال له أبوه: ما لك ويلك؟ قال: لا والله لا تدخلها أبداً إلا بإذن رسول الله - ﷺ -، لتعلم اليوم من الأعز ومن الأذلّ، فشكاه إلى رسول الله - ﷺ -، فقال رسول الله - ﷺ -: خلّ عنه. قال زيد بن أرقم: فلما وافى رسولُ الله - ﷺ - المدينةَ جلست في البيت لما بي من الهمّ والحياء، وأنزل الله سورة المنافقين، فأرسل رسول الله - ﷺ - إلى زيد [فقال] (١) : إن الله قد صدَّقك، وكذَّبَ عبدَ الله بن أبيّ، فقرأ عليه سورة المنافقين (٢).
وفي رواية الترمذي: «وكان ذلك في غزوة تبوك» (٣).
قرأتُ على قاضي القضاة أبي صالح نصر بن عبدالرزاق بن عبدالقادر الجيلي الحنبلي، أخبرتكم شهدة بنت أحمد فأقرّ به قالت: أخبرنا محمد بن عبدالسلام الأنصاري، أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: سمعت عبدالله بن إبراهيم الجرجاني يقول: أخبرني محمد بن سعيد بن هلال الرسعني، حدثنا المعافى، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق أنه سمع زيد بن أرقم يقول: «خرجنا مع رسول الله - ﷺ - في سفرٍ أصاب الناس فيه شدّة، فقال عبدالله بن أبيّ لأصحابه: لا تُنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي - ﷺ - فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبدالله، فاجتهد يمينه ما

(١)... زيادة من ب.
(٢)... انظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٤٥١-٤٥٣).
(٣)... أخرجه الترمذي (٥/٤١٧ ح٣٣١٤).
(١/١٣٩)


الصفحة التالية
Icon