وأصح الروايتين عن الإمام أحمد، أخذاً بحديث فاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها البتة، فلم يجعل لها رسول الله - ﷺ - سكنى ولا نفقة (١).
وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة. يروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن مسعود. وبه قال النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة (٢).
وقالت طائفة: لها السكنى بكل حال، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملاً. يحكى ذلك عن ابن المسيب، وبه قال الزهري ومالك والليث بن سعد والأوزاعي والشافعي، والرواية [الثانية] (٣) عن أحمد رضي الله عنه (٤)، واعتذروا عن حديث فاطمة بقول سعيد بن المسيب: فَتَنَتْ فاطمةُ الناس، كانت للسانها [ذرابة] (٥)، فاستطالت على أحمائها، فأمرها رسول الله - ﷺ - أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم (٦).
قوله تعالى: ﴿فإن أرضعن لكم﴾ يعني: المطلقات ولداً منهن أو من غيرهن بعد انقطاع عصمة النكاح ﴿فآتوهن أجورهن﴾ يعني: أجرة رضاعهن، ﴿وائتمروا بينكم بمعروف﴾ أي: ليأمر بعضكم بعضاً بالمعروف، ولا يشتطّ أحد على صاحبه، ﴿وإن تعاسرتم﴾ في الأجرة ولم تتّفقوا على شيء ﴿فسترضع له أخرى﴾ خبر في معنى الأمر.

(١)... انظر: المغني (٨/١٨٥)، والإنصاف (٩/٣٦٠)، والمبسوط للسرخسي (٥/٢٠١).
(٢)... مثل السابق.
(٣)... زيادة من ب.
(٤)... انظر: المغني (٨/١٨٥).
(٥)... في الأصل: ذراية. والمثبت من ب.
... ولسان ذَرِبٌ: أي: فيه حِدَّة. وامرأةٌ ذَرِبَة: سليطة اللسان (اللسان، مادة: ذرب).
(٦)... أخرجه البيهقي في الكبرى (٧/٤٧٤)، والشافعي (ص: ٣٠٢).
(١/١٧٠)


الصفحة التالية
Icon