فإن قيل: ما معنى مجازاتها على بعض إفشائها السر؟
قلتُ: تخفيف ما جازاها به بالنسبة إلى ما كانت تستحقه في مقابلة إظهار سره، ومخالفة أمره.
فإن قيل: ما البعض الذي عرّفها به، على قراءة الجمهور؟
قلتُ: عرّفها أنها أفشت عليه تحريمه مارية، وتغافل عن الباقي.
وقال ابن عباس بالعكس من ذلك.
فإن قيل: ما الحكمة في الإعراض عن السر الآخر، وهو إمامة الشيخين عليهما السلام؟
قلتُ: لم يكن [مأذوناً] (١) له في إشاعته وإذاعته، فأعرض عنه قَطْعاً لِقَالَة الناس، وحسماً لمادّة انتشاره.
فإن قيل: فلم كره - ﷺ - إظهار حفصة تحريمه مارية؟
قلتُ: إجلالاً لمنصب النبوة عن إظهار ما الأحسن والأجمل كتمانه.
﴿فلما نبأها به﴾ أي: بذلك البعض الذي عرّفها إياه ﴿قالت﴾ مُستفهمة له: ﴿من أنبأك هذا﴾ كأنها خافت أن تكون عائشة أشاعت سرّها إليه ﴿قال نبأني العليم الخبير﴾.
ثم خاطب عائشة وحفصة فقال: ﴿إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾ مَالَتْ عما يجب عليكما من مناصحة رسول الله - ﷺ -، واتباع مرضاته.

(١)... في الأصل: مأذون. والتصويب من ب.
(١/١٨٢)


الصفحة التالية
Icon